سوريا اليوم

مراسل صقور الأبداع من سوريا

د.نبيل طعمة : شام تايمز

يحدث حين الوصول إلى مأزق ما، يتجلّى ضمن فرصة واحدة بالنجاة، تتملّكها إرادة أكون أو أكون، رافضة لا أكون، وتتساوى معها شجاعة الحياة مع الموت، حيث تجري
168560.jpg
محاكمة عقلية سريعة؛ ولكنها هادئة تبحث من خلالها عن مخرج تتجسّد فيه لغة الانتصار..


يمكن تمثيل هذا العنوان بين المتنافسين، ولكن نسأل: على ماذا، ومن أجل ماذا؟ ومن المؤكد أن الشجاعة لا يمتلكها الضعيف، وهي مسكونة بين نسبية الأخلاق التي أبدعت للحياة عنصريِّ الخير والشر، ولا يرتقي حضور أحدهما إلا من خلال الإيمان المطلق بالآخر، وكلما تطورت التحديات ينمو الإحساس بالأمل والإلهام؛ الذي لا يحضر إلا من خلال العمل الجاد، والإيمان بحتمية النجاح، وتحقيق الأهداف المنشودة من أي عملية تتطلع إلى الانتصار.

سِجلُّ التاريخ الطبيعي والتأريخ الصنعي منَح طرفي الحياة قدرات هائلة ودائمة، تجلّت في خلق إمكانيات فتح فصول جديدة مفاجئة ومدهشة، تتأمل. تخطط. تبني، وكذلك تدمّر، تفني. تُنهي. كي يبدأ الإنسان من جديد، فمن ينتصر الثابت أم الصامد؟ حيث الأول تراكم معرفي وعلمي وفهمي، يستطيع الانتقال به “بما يمتلك من تنوع” لإيجاد المخرج، أما الثاني فهو مرحلي ومؤقت؛ نتائجه تخضع لمفهومَي الانتظار والأمل، فالصمود الكلي ثبات، والصمود الجزئي دفاع، أي إن المهاجم أقوى من الصامد، والثبات في كلية الصمود انتصار على مصادر الإحباط والآلام والاستهداف، وكذلك فيه قدرة هائلة على امتصاص المتقدم السلبي، أما الثابت النوعي ضمن الصمود فهو الثبات الذي ينبغي أن يؤدي إلى الانتصار، وإلّا ما معنى الصمود؟،

ومن يحب الخلاص، الذي بوجهه الآخر نجاح وانتصار لا يحمل في فلسفة صموده مفاهيم الفشل أو الهزيمة، حيث الصيرورة التاريخية بَنَت في الفكر الإنساني قيَماً خاصة تعشّقتها البشرية جمعاء، وأطلقت عليها دون وعي وفي الوعي مفهوم الانتصار، ليسكن فائض الوعي مبادئ الثبات فيه، لتعود إلى أسباب حياتها تبحث عنه دائماً وأبداً، فكيف تنتصر إن لم تثبت؟!.. والثبات نبات، والنبات يقاوم الظروف الطارئة من خلال حبِّه للحياة وحاجته للمراقبة مع الانتظار حيث علمية الرعاية والخشية تُحدث الاختراق، ولذلك نراه يسكن العقل المتفكر والوجدان الآمل في ثقافة البناء وفلسفة التكوين.

يعلو كعب عنواننا لدى المجتمعات، يستدعونه ويطالبون به عند نشوب الأزمات أو غزو التحديات أو حلول الكوارث، يستحضرونه من أجل مواجهة الأعداء والأخطار، رافضين أن يتحول مغزاه إلى قوالب جامدة، ومؤمنين بقدرته على المناورة الحرّة دون التنازل عن الثوابت، والتراكمات الإيجابية التاريخية والجغرافية، ومبدأ أحقية الحضور. فالمناورات والحوارات والتكتيكات تعتبر من أهم أساليب الصمود في الثبات، ومن ثم الانتصار في مواقع الخلل..

لذلك ينبغي الترفّع عن فلسفة الانكفاء، والفهم العميق لتحليل ثقافة الصراع بين الأبيض والأسود، وأن يتمتع جميع المؤمنين بالتضحيات مهما بلغت جسامتها، متّحدين بالإخلاص ومنصهرين ببوتقةِ حبِّ للخلاص، غايتهم واحدة وهي الانتصار لإيهاب الشعور الجغرافي والتاريخي الإنساني خاصتهم، فإذا كان مضمونه أخلاقياً وخاضعاً للشرعية القانونية تقبّل الأحكام المنصفة التي تتغنّى بها الشعوب وتسعى إليها، أما إن كان غير ذلك فلا معنى لإجراء المقاربات، فالانتصار بالثبات ظهور على الخصوم، وانتصار على الأعداء، والحياة بلا انتصار لا قيمة لها.

أيها السوريون.. برغبتكم تصلون الانتصار؛ شريطة أن تثبتوا ضمن هرمكم المقدس، المبني من لبِنات تنوعكم وتعددكم، والذي ترتبطون به، فظهرتم على العالم أجمع كلوحة فسيفسائية نادرة وموزاييك رائع رعاها الملكوت الإلهي، فإن لم تَثْبتوا وتحافظوا عليه بكلّية الصمود كلِّيتكم.. في اعتقادكم إلى أين أنتم صائرون؟!!.
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى