سوريا اليوم

مراسل صقور الأبداع من سوريا

عباس صالح : النهار

فجر الأحد الماضي دهمت قوة من مخابرات الجيش مكاناً ما، في بلدة عين زحلتا بعد عمليات مراقبة ورصد أمني، وسرعان ما اشتبكت مع مهربين ذوي ميول أصولية فتحوا النار على عناصرها الذين ردّوا بالمثل وكانت الحصيلة وفق بيان للجيش مقتل أحد أفراد العصابة الارهابية غسان الزعر، واصابة آخر هو محمد سرحان وتوقيفه مع 7 آخرين اطلق منهم اثنان بعد يومين على تاريخ الحادث.</p> غبار المعركة انجلى على كشف أسبابها الحقيقية حين أعلنت قيادة الجيش أن القوة الأمنية ضبطت على أثر تلك الواقعة محتويات مخزن يحوي كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، مع اعداد كبيرة من الذخائر الخاصة بها في البلدة الشوفية الوادعة.

هذا الحادث أعاد تسليط الضوء على واقع سوق السلاح في لبنان، والذي يرى مصدر أمني انه بات منذ اندلاع الحرب في سوريا طريقاً تتدفق عبره الأسلحة الى الداخل السوري، شأنه في ذلك شأن معظم الدول المحاذية لسوريا، وأن صنفت التقارير الدولية لبنان بأنه الخاصرة الرخوة في هذا الاطار، نظراً الى ازدياد حجم التفلت فيه من القبضة الأمنية، لاعتبارات عديدة ليس اقلها تورط معظم القوى الأساسية في لبنان مباشرة في الأزمة السورية، على تناقضاتها، بحيث تنخرط معظم القوى اللبنانية على اختلافاتها في جبهتي الصراع في سوريا بشكل مباشر، الى درجة مشاركة كل فريق في القتال الى جانب من يناصره من افرقاء الحرب السورية، من خلال ارسال المقاتلين والاسلحة والذخائر معاً، وبالتالي فقد بات تهريب السلاح الى سوريا تفصيلاً صغيراً من تفاصيل الانغماس اللبناني في تلك الحرب، وفي مثل هذه الحالات من الطبيعي ان تنشط اسواق تجارة السلاح باعتبارها من التجليات الطبيعية لهذا الصراع.
ويكشف المصدر لـ”النهار” ان الاجهزة الامنية لا تعلم بكل عمليات تهريب السلاح الى سوريا، وما تكتشفه الاجهزة الامنية وتحبطه هو جزء صغير من عمليات تهريب السلاح الفعلية والقائمة في معظم دول الجوار السوري، ومنها لبنان.

وفي سياق البحث عن واقع الحال في هذا الصدد التقينا “أبو أدهم” وهو الاسم المستعار لبائع أسلحة في احدى ضواحي بيروت، لنسأله عن تأثيرات المشهد الحربي السوري في بورصة أسعار الاسلحة في السوق اللبنانية السوداء، أكد ان أسواق السلاح لدينا تشهد حالا من الاسترخاء حاليا بعدما شهدت فورة غير مسبوقة خلال بداية الثورة السورية، حيث تركزت طلبات الثوار على أنواع محددة من الاسلحة المتوسطة والخفيفة مما أدى الى ارتفاع أسعارها بشكل جنوني لم يسبق ان شهد له مثيل في كل السنين الماضية.

قال “أبو أدهم” إن الاسترخاء الحالي في السوق المحلية ناتج من واقع اغراق السوق السورية بالاسلحة مباشرة، إذ تصلها بواخر محملة كل أنواع الاسلحة الثقيلة والخفيفة، يقال ان مصدرها ليبيا والعراق، تفرغ حمولتها في عرض البحر بزوارق مطاطية تتولى نقلها الى مناطق محددة على الشواطئ السورية، ثم الى الداخل السوري، والعمليات من هذا النوع مستمرة، وهذا ما جعل الثوار السوريين يستغنون عن السوق اللبنانية الى حد كبير، بعدما كانت هذه الاسواق وحدها من تمدهم بالاسلحة برا عبر الدواب التي تسلك الطرق الجبلية الوعرة، وهو ما انعكس انخفاضا ملحوظا في الاسعار المحلية للاسلحة. وأعطى مثالا على ذلك بأن الطلقة الروسية كان سعرها قبل الثورة السورية 800 ليرة لبنانية، ومع بداية الثورة أخذ يتصاعد حتى وصل الى 3 آلاف ليرة لبنانية، تراجع الى حدود الالف وخمسمائة ليرة، ولا يزال في انحدار نتيجة استيرادها من السوق السورية الآن!

ويكشف “أبو أدهم” ان تهريب الطلقات الروسية من سوريا الى لبنان يتم عبر المناطق الحدودية برا مع الشمال ووادي خالد بعد توضيبها داخل علب دواء غسيل، ثم نقلها الى بيروت لتوزيعها على من يرغب في الشراء في الساحة اللبنانية التي تشهد اقبالا عليها بكميات وافرة، وخصوصا لدى بروز تشنجات سياسية.


ويعترف في معرض “الغصة” بالقول ان الواقع الجديد في سوق الاسلحة جعل “البعض يعمر قصورا، والبعض الآخر يعمر قبورا”.
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى