سوريا اليوم

مراسل صقور الأبداع من سوريا

الشرق الاوسط

&#00يجمع السياسيون والمعلقون على أن النتائج التي تمخضت عنها انتخابات مجلس الشورى العام لحركة “حماس”، وفوز خالد مشعل برئاسة المكتب السياسي، وفوز حليفه الأساسي في قطاع غزة رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية بمنصب نائب الرئيس، بعد نحو عام من التكهنات والتوقعات، كان فوزا لخط الاعتدال داخل الحركة، لكنه كان صعبا للغاية وجاء بعد مخاض عسير.

?وكانت الانتخابات قد جرت في فندق “إنتركونتيننتال” في مدينة نصر في العاصمة المصرية القاهرة، مساء الأول من أبريل (نيسان) الحالي، تحت إشراف لجنتين إحداهما قضائية والثانية رقابية، وفق ما قاله موقع “أمد” الفلسطيني. وشملت الانتخابات أيضا اللجنة التنفيذية للحركة التي ستعمل مع مشعل، وجميع أعضائها أعضاء في المكتب السياسي.?ويصب فوز مشعل، كما قال أكثر من مسؤول ومعلق، في صالح المصالحة الفلسطينية وشبكة العلاقات العربية والإسلامية والدولية، التي نجحت “حماس” في نسجها على مدى عشرين عاما من عهد مشعل، والانفتاح على المجتمع الدولي، وقبل ذلك، في صالح “حماس” نفسها، إذ وضع الفوز حدا للاختلافات بل الخلافات التي ظهرت إلى العلن، على غير العادة،

في الحركة التي اعتادت أن تبقي اختلافاتها وخلافاتها الداخلية تحت السطح.?وقال مصدر حمساوي في غزة إن التغيرات التي تشهدها المنطقة العربية “دفعت الحركة لاختيار مشعل لميزاته المتقدمة. فهو أعطى الحركة وجها وطنيا وتجاوز الحزبية، ولديه علاقات واسعة جدا في العالم العربي والإسلامي وعلاقات دولية جيدة”، مشيرا في هذا السياق إلى أن تحركاته مع جهات دولية قد تسهم في رفع اسم “حماس” عن قائمة الإرهاب. تضاف إلى ذلك قدرته الكبيرة على التحرك ضمن التوازنات السياسية العربية والدولية، ووعيه السياسي العميق بالمنطقة وقبوله من معظم الفئات داخل الحركة.?

ومشعل، وفق مصدر آخر، هو الأكثر قبولا محليا وعربيا. فهو مقبول لدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) و”فتح” وفصائل مختلفة، كذلك فإن مشعل، وفق المصادر نفسها، مقبول لدى زعماء عرب.?لهذه الأسباب مجتمعة، استقبل الإعلان عن فوزه في الانتخابات بترحيب أكثر من طرف، لا سيما السلطة الفلسطينية التي كانت الأكثر سعادة بهذا الفوز. فقد رحبت بذلك حركة “فتح”، واتصل الرئيس محمود عباس (أبو مازن) هاتفيا بمشعل وهنأه شخصيا. وقال عزت الرشق، الذي فقد مقعده في المكتب السياسي، إضافة إلى ثلاثة أشخاص آخرين من بينهم الزهار، عبر “تويتر”: “الأخ الرئيس محمود عباس (أبو مازن) اتصل بالأخ خالد مشعل (أبو الوليد) مهنئا إياه بإعادة انتخابه رئيسا للمكتب السياسي للحركة”.

?* مخاض عسير?لم يأت فوز محور مشعل – هنية الذي يدخل المكتب السياسي لأول مرة، على محور أبو مرزوق – الزهار، كما أشيع بداية، نتيجة إجماع وتوافق وتزكية داخل مجلس الشورى، وإنما جاء بعد مخاض عسير وولادة قيصرية وصراعات داخلية غير مسبوقة، وتحالفات ومناورات تنظيمية، بدأت مع إعلان مشعل في اجتماع لمجلس الشورى، عقد في العاصمة السودانية أواخر 2011 مطلع يناير (كانون الثاني)&#00 2012، عدم رغبته في الترشح لولاية جديدة. وكيف أن معظم المشاركين انخرطوا في البكاء عندما أعلن مشعل نيته. فأنصاره في حينه تركوا الباب مواربا أمام إمكانية تراجعه عن موقفه هذا، بالتأكيد على أن قرارا بهذا الحجم لا يترك للشخص، بل للهيئات القيادية للحركة.

وأما خصومه السياسيون فقد استقبلوا الخبر بالإشادة به والحديث عن مناقبه وكأن أمر خروجه محسوما وأنه على وشك الرحيل. وعلمت “الشرق الأوسط” من مصادر موثوقة أن حديث مشعل عن عدم الترشح لم يكن نتاج عدم رغبة بقدر ما كان نتيجة “زعل” من قيادات “حماس” في غزة وعلى رأسها محمود الزهار، جراء انتقاداتهم المتواصلة لقراراته ومعارضتهم له في موضوع المصالحة، لا سيما تفاهم الدوحة في فبراير (شباط) 2012، واتهام مشعل بالتفرد بالقرار وانتقاد تصريحاته في حفل توقيع اتفاق القاهرة في 2011، قال فيها إنه لا مانع لديه من إعطاء المفاوضات فرصة أخرى، وأنه يؤيد دولة فلسطينية في حدود عام 1967.

وكان الزهار يحظى في مواقفه بدعم من نائب رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق الذي كانت معارضته واضحة لتفاهم الدوحة، رغم حضوره حفل التوقيع الذي أشرف عليه أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، لدرجة أن مشعل قال في ذلك الوقت “دوروا على (ابحثوا عن) مسؤول غيري”.?وقالت المصادر لـ”الشرق الأوسط” إن دخول هنية إلى حلبة التنافس على منصب رئيس المكتب السياسي كان بالتنسيق المسبق مع مشعل، وذلك من أجل إضعاف حظوظ أبو مرزوق في الفوز مقابل فوز هنية بمنصب النائب.

وحسب هذه المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، فإن ترشح هنية شتت أصوات قطاع غزة بينه وبين أبو مرزوق وهو أيضا من القطاع، وأخرج الأخير من التنافس الذي بقي صوريا بين مشعل وهنية، ليفوز الأول بفارق 7 أصوات.

وعزز التحالف الانتخابي بين الرجلين أيضا فرص هنية في إلحاق الهزيمة بأبو مرزوق في التنافس على منصب نائب الرئيس بحصوله على الأصوات المؤيدة لمشعل.. وفعلا، ألحق هنية الهزيمة بالدكتور موسى أبو مرزوق الذي ظل يحتفظ بهذا المنصب منذ عام 1997. وأبو مرزوق هو الذي استحدث منصب رئيس المكتب السياسي، وكان أول من شغله حتى اعتقاله في نيويورك عام 1996 بتهمة الانتماء إلى “حركة إرهابية”، لينتقل من بعده إلى مشعل الذي ظل يحتفظ به منذئذ. يذكر أن هنية، وخلافا لما تردد بداية، هو النائب الوحيد لمشعل.

وهذا ما أكده لـ”الشرق الأوسط” الناطق باسمه طاهر النونو، قائلا “إن أبو العبد (هنية) هو النائب الوحيد لرئيس المكتب السياسي”. وكان قد أشيع أنه جرى انتخاب ثلاثة نواب هم أبو مرزوق وآخر من الضفة لم يذكر اسمه، إضافة لهنية.? الاستقطابات ليس أدل على ذلك الاستقطاب في حماس والتحالف بين مشعل وهنية، من اللقاءات التي أجراها مشعل مع القيادات المصرية، لا سيما رئيس المخابرات، رأفت شحاتة، قبل الانتخابات بيوم واحد، على رأس وفد ضم إلى جانب من ضم، هنية، وتغيب عنه أبو مرزوق وكذلك الزهار، وكأن الأمر كان محسوما.?* خروج رموز ودخول نجمي صفقة شاليت دليل آخر على التنافس والصراع الحاد الذي شهدته انتخابات المكتب السياسي أيضا، خروج قيادات كبيرة في الحركة، أبرزها عزت الرشق وسامي خاطر، إضافة إلى الزهار أحد رموز الحركة في غزة، بينما فاز بالعضوية نجما صفقة تبادل الأسرى التي أصبحت تعرف بصفقة “شاليت”، الأسيران المحرران، روحي مشتهى، ويحيى السنوار، وكلاهما من الجناح العسكري للحركة، وصلاح العاروري الذي يعيش في الخارج، وذكر اسمه في السابق كأحد المرشحين لخلافة مشعل. واستعاد محمد نزال عضويته التي فقدها في انتخابات 2008. أما بالنسبة لممثلي الضفة الغربية، فإن عدم قدرتهم على المشاركة بسبب القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على حركتهم حال دون مشاركتهم، لذلك جرى تعيين ممثليهم في المكتب السياسي بالتزكية، ويجري التكتم على أسمائهم لدواع أمنية.?* صراعات داخلية وتدخلات خارجية?وجاء اجتماع مجلس الشورى وانتخاب المكتب السياسي بعد عملية انتخابية في مؤسسات الحركة بدأت في نيسان (أبريل) 2012، كان التنافس فيها شديدا لا سيما في قطاع غزة، التي فاز فيها هنية ولأول مرة. وحسب مصادر فلسطينية، فإن التأخير في اختيار المكتب السياسي العام يعود لصراعات والتدخلات الخارجية من دول مثل قطر وتركيا وحتى مصر، التي ساعدت في إرساء الخيار على مشعل لعوامل عدة.?وقالت المصادر “إن تركيا وقطر كانتا تحبذان بقاء الأخ مشعل، كما أن الإخوة في مصر ما كانوا يريدون أن يكون رئيس المكتب مقيما في مصر (أبو مرزوق يقيم في القاهرة منذ خروجه من سوريا قبل نحو عام ونصف العام)”. وفي هذا السياق اتفق في اجتماع مجلس الشورى على أن تبقى قطر المقر المؤقت لمشعل في الوقت الحاضر.

وقالت المصادر إن مشعل يمارس عمله من مقر رسمي في الدوحة من دون أي تدخل أو معوقات، بل إن دولة قطر توفر له كل الاحتياجات لتسهيل ممارسة مهامه.?

* ردود الفعل على انتخاب مشعل وجاءت ردود الفعل على انتخاب مشعل مرحبة في مجملها. فقال عضو المجلس التشريعي عن حركة “فتح” في المجلس التشريعي، الدكتور فيصل أبو شهلا، إن “فتح” ترحب بتجديد الثقة لخالد مشعل. وقال أبو شهلا لموقع “أمد” إن مشعل في السنوات الأخيرة أظهر حرصا كبيرا على إتمام المصالحة الوطنية، والخروج من حالة الانقسام، وعمل رغم العقوبات الداخلية في حركته على تخطيها وصولا لوحدة الصف الوطني ومواجهة التحديات الكبرى وهي الاحتلال، وهذا يعطي أملا جديدا في إنهاء حالة الانقسام والتغلب على الأصوات الرافضة لإتمام المصالحة.?وقال الدكتور أحمد يوسف، المستشار السياسي السابق لرئيس الحكومة المقالة هنية، في تصريح لـ”الشرق الأوسط”": “أعتقد أن انتخاب الأخ أبو الوليد (مشعل) تأكيد على الاستمرار، ويؤكد أيضا أن كل ما يقوله حول المصالحة والشراكة السياسية والانفتاح على المجتمع الدولي يحظى بالدعم داخل حماس”.

وقال “إن أبو الوليد كان خيارا مريحا للكثير (من الأطراف) في المنطقة”. ويعتقد مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية، أن إعادة انتخاب مشعل ستعزز من مكانة حماس على المستوى العربي والإقليمي. وقال تصريحات سابقة إن التجديد لمشعل سيعزز فرص النجاح بشأن المصالحة.?وقال حسن عبده، الباحث المتخصص في قضايا الشرق الأوسط إن انتخاب مشعل سيعزز المحور المعتدل داخل حركة حماس الذي سيستمر بدوره في السعي للحصول على مشروعية حماس الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أنه يتمتع بعلاقات واسعة خاصة مع قطر وتركيا، وبالتالي من المرجح المضي بخطوات وفق هذا التوجه المعتدل للحصول على هذه الشرعيات.?وعلى صعيد المصالحة، قال عبده إن مشعل أنهى عملية الانقسام في قمة الهرم السياسي بينه وبين الرئيس عباس، لدرجة أنه قال إن مواقفهما تتطابق، لكن التطبيق على الأرض تعثر بسبب عوامل عديدة منها وجود تيار في حماس أكثر تشددا كان يرفض تطبيق اتفاقية الدوحة.

&#00
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى