اشرف ف

New member

ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ) تفسير الحمد لله قال تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ) النساء/ 3 . 1. قال الشافعي رحمه الله : وقوله { أن لا تعولوا} أن لا يكثر من تعولون إذا اقتصر المرء على واحدة وإن أباح له أكثر منها ا.هـ "الأم" (5/152). 2. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : أي : لا تجوروا في القَسْم. هكذا قال السلف وجمهور العلماء . وظن طائفة من العلماء أن المراد : لا تكثر عيالكم . وقالوا : هذا دليل على وجوب نفقة الزوجة. وغلَّط أكثرُ العلماء من قال ذلك لفظاً ومعنىً . أما اللفظ ، فلأنه يقال : عال يعول إذا جار. وعال يعيل إذا افتقر . وأعال يعيل إذا كثر عياله، وهو سبحانه قال { تعولوا} ولم يقل "تعيلوا". ... وأما المعنى : فإن كثرة النفقة والعيال تحصل بالتسري كما تحصل بالزوجات، ومع هذا فقد أباح مما ملكت اليمين ما شاء الإنسان بغير عدد، لأن المملوكات لا يجب لهن قسْم ولا يستحققن على الرجل وطئاً … والزوجات عليه أن يعدل بينهن في القسم . وخير الصحابة أربعة ، فالعدل الذي يطيقه عامة الناس ينتهي إلى الأربعة .أ.هـ. " مجموع الفتاوى" (32/70-71). 3. وقال شيخ الإسلام الثاني ابن القيم رحمه الله : قال الشافعي : أن لا يكثر عيالكم . فدل على أن قلة العيال أدنى . قيل : قد قال الشافعي ذلك ، وخالف جمهور المفسرين من السلف والخلف. وقالوا: معنى الآية : ذلك أدنى أن لا تجوروا ولا تميلوا، فإنه يقال: عال الرجل يعول عولا إذا مال وجار . ومنه : عول الفرائض ، لأن سهامها زادت. ويقال : عال يعيل عيلة إذا احتاج ، قال تعالى { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله } [التوبة /2] ، وقال الشاعر : وما يدري الفقير متى غناه ... وما يدري الغني متى يعيل . أي: متى يحتاج ويفتقر. وأما كثرة العيال فليس من هذا ولا من هذا، ولكنه من أفعل يقال: أعال الرجل يعيل ، إذا كثر عياله، مثل ألبن وأتمر إذا صار ذا لبن وتمر . هذا قول أهل اللغة . قال الواحدي في بسيطه : ومعنى تعولوا: تميلوا وتجوروا ، عن جميع أهل التفسير واللغة . وروي ذلك مرفوعا. روت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن لا تعولوا" قال "لا تجوروا" . وروي " أن لا تميلوا " - قلت : أخرجه ابن حبان (6/134) ، وقال ابن أبي حاتم : قال أبي: هذا خطأ ، والصحيح عن عائشة موقوفاً .أ.هـ. "تفسير ابن كثير" (1/451) . وانظر "مرويات أم المؤمنين عائشة في التفسير" للفنيسان (ص 154) - . قال : وهذا قول ابن عباس والحسن وقتادة والربيع والسدي وابن مالك وعكرمة والفراء والزجاج وابن قتيبة وابن الأنباري . قلت : ويدل على تعيين هذا المعنى من الآية ، وإن كان ما ذكره الشافعي لغة حكاه الفراء عن الكسائي قال : ومن الصحابة من يقول : عال يعول إذا كثر عياله. قال الكسائي: وهي لغة فصيحة سمعتها من العرب، لكن يتعين الأول لوجوه: ... أحدها: أنه المعروف في اللغة الذي لا يكاد يعرف سواه، ولا يعرف: عال يعول، إذا كثر عياله، إلا في حكاية الكسائي. وسائر أهل اللغة على خلافه . ... الثاني: ... أن هذا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم - ولو كان من الغرائب - فإنه يصلح للترجيح . ... الثالث: ... أنه مروي عن عائشة وابن عباس، ولم يعلم لهما مخالف من المفسرين. وقد قال الحاكم أبو عبد الله : تفسير الصحابة عندنا في حكم المرفوع . ... الرابع: ... أن الأدلة التي ذكرناها على استحباب تزوج الولود ، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكاثر بأمته الأمم يوم القيامة يرد هذا التفسير . ... الخامس: أن سياق الآية إنما هو في نقلهم مما يخافون من الظلم والجور فيه إلى غيره. فإنه قال في أولها { وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} فدلهم سبحانه على ما يتخلصون به من ظلم اليتامى، وهو نكاح ما طاب لهم من النساء البوالغ، وأباح لهم منهن أربعا. ثم دلهم على ما يتخلصون به من الجور والظلم في عدم التسوية بينهن. فقال { فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} .ثم أخبر سبحانه أن الواحدة وملك اليمين أدنى إلى عدم الميل والجور. وهذا صريح في المقصود. ... السادس: أنه لا يلتئم قوله { فإن خفتم أن لا تعدلوا} في الأربع فانكحوا واحدة أو تسروا بما شئتم بملك اليمين، فإن ذلك أقرب إلى أن تكثر عيالكم . بل هذا أجنبي من الأول . فتأمله . ... السابع: أنه من الممتنع أن يقال لهم " فإن خفتم أن لا تعدلوا بين الأربع فلكم أن تتسروا بمائة سرية وأكثر، فإنه أدنى أن لا تكثر عيالكم"!! ... الثامن: ... أن قوله { ذلك أدنى أن لا تعولوا} تعليل لكل واحد من الحُكمين المتقدمين ، وهما نقلهم من نكاح اليتامى إلى نكاح النساء البوالغ ، ومن نكاح الأربع إلى نكاح الواحدة أو ملك اليمين. ولا يليق تعليل ذلك بقلة العيال . ... التاسع: أنه سبحانه قال { فإن خفتم أن لا تعدلوا} ولم يقل : إن خفتم أن لا تفتقروا وتحتاجوا. ولو كان المراد قلة العيال : لكان الأنسب أن يقول ذلك . ... العاشر: أنه سبحانه إذا ذكر حكماً منهياً عنه وعلل النهي بعلته، أو أباح شيئا وعلق إباحته بعلة، فلا بد أن تكون العلة مضادة لضد الحكم المعلل. وقد علل سبحانه إباحة نكاح غير اليتامى والاقتصار على الواحدة أو ملك اليمين بأنه أقرب إلى عدم الجور. ومعلوم أن كثرة العيال لا تضاد عدم الحكم المعلل، فلا يحسن التعليل به . والله أعلم .أ.هـ. " تحفة المودود" (ص 15-17). 4. وسمعت تفسيرا لهذا الجزء من الآية من شيخنا الألباني ، أظن أنه لم يسبق إليه ، وأرى أن الآية لا تدل عليه، وسنذكره ، وننقل ما يوضح معنى الآية . قال شيخنا الألباني : العيلة هي الفقر ، فمعنى التعليل : أن الإكثار من الزواج سبب في الثروة والغنى، لكن هذا يذكرني بآية { إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}. فالزواج هو سبب للثروة وليس سببا للفقر.{ذلك أدنى ألا تعولوا} يعني : لا تصبحوا فقراء . والناس يقولون " الضيف يأتي مع رزقه " . ونقول كذلك " المرأة الثانية تأتي مع رزقها " . فلماذا يخاف الناس من زواج الثانية ؟ يخافون أن يقعوا في الفقر . والآية رد عليهم.{ ذلك أدنى} أي: أقرب {أن لا تعولوا} يعني: ألا تفتقروا. ومثله كما قال تعالى{ووجدك عائلا فأغنى} .ا.هـ" شريط "سلسلة الهدى والنور" (رقم" 536"). 5. قلت: في كلام شيخ الإسلام رد على ما قاله شيخنا رحمه الله. وزيادة في البيان ننقل كلام الشنقيطي رحمه الله حيث قال:…{ذلك أدنى ألا تعولوا} أي تجوروا في الحقوق الشرعية والعرب تقول : عال يعول إذا جار ومال، وهو عائل… أما قول أحيحة بن الجلاح الأنصاري: وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل وقول جرير: الله نزل في الكتاب فريضة ... لابن السبيل وللفقير العائل وقوله تعالى{ ووجدك عائلا فأغنى} ، فكل ذلك من العيلة، وهي الفقر. ومنه قوله تعالى { وإن خفتم عيلة} الآية. فـ "عال" التي بمعنى جار: واوية العين. والتي بمعنى افتقر : يائية العين- ثم خطّأ رحمه الله من خطّأ الشافعي ونسبه للشذوذ في قوله - أ.هـ. "أضواء البيان " (1/375 -376) . قلت: وكلام الشافعي فيه إرجاع الضمير { ذلك } إلى تزوج الواحدة ، والمعنى عنده : أن الزواج من واحدة أقرب لكم من كثرة من تعولون من العيال إذا تزوجتم أكثر من واحدة . وكلام شيخنا رحمه الله فيه إرجاع الضمير {ذلك} إلى قوله {فانكحوا ما طاب لكم … } أي : إلى تعدد الزواج بأكثر من واحدة ، فافترق كلامه عن كلام الشافعي افتراقاً بينا كما هو ظاهر . فائدة : قد راجعت شيخنا الألباني رحمه الله في تفسيره للآية في بيته بتاريخ 17 محرم 1418هـ، فقال لي -رحمه الله- : " إن لم نرَ أحداً قال به فأنا أتراجع عنه " . وهذا مِن إنصافه رحمه الله. وإنما أُثبته هنا للفائدة والمعرفة . والله أعلم مستل من كتابي " أحكام التعدد في ضوء الكتاب والسنَّة " __________________ قال أبو حاتم البستي:الواجب على العاقل أن يلزم الصمت الى أن يلزمه التكلم،فما أكثر من ندم إذا نطق وأقل من يندم إذا سكت"روضة العقلاء ونزهة الفضلاء"(ص43).
 

المواضيع المشابهة


رد: ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ) تفسير

بارك الله فيك
جعله في ميزان حسناتك
يعطيك العافية ي بطل,
 


رد: ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ) تفسير

يعطيك العافية

(بس لو خليت التفسير على شكل فقرات حتى يكون مريح أكثر للعين)
 

عودة
أعلى