سوريا اليوم

مراسل صقور الأبداع من سوريا

زياد حيدر : السفير&#00

مرّ حديث وزير النفط السوري سليمان العباس إلى صحيفة «الثورة» أمس بهدوء، تقريبا، كما لو أنه حديث لسلفه قبل عامين عن أسعار المحروقات وسياسة الاستيراد والمعالجة النفطية، رغم أن كل ما قاله الرجل يشير إلى تراكم كوارث إضافية على المأساة السورية، لا يمكن لأحد التكهن بخواتمها.
ويوضح العباس أن تسع آبار على الأقل في المنطقة الشرقية، اشتعلت، بغياب كامل للدولة، فيما تنهب آبار أخرى في المنطقة ذاتها وتباع إلى السوق التركية، التي باتت سوقاً لتصريف المسروقات السورية، بدءا بالمعامل التي فككت ونقلت بالكامل لتباع بالجملة والمفرق، إلى مخزون الحبوب الذي أفرغ من صوامع التخزين الاستراتيجي، وصولا إلى محاصيل القطن، والآن النفط الخام.
ويقول العباس إن احتراق بئر بالأحوال العادية يعتبر «بمثابة كارثة وطنية فكيف الأمر بتسع آبار، خاصة أن هناك ثلاثاً من هذه الآبار لا تزال مشتعلة، وهي بئر اليمكن-105 حيث أُشعلت منذ تاريخ 15 آذار (الماضي) وبئر الجازية-115 حيث أُشعلت منذ 29 آذار، وبئر شمال شرق العمر – 114 حيث أُشعلت في التاريخ ذاته».
ووفقا لوزير النفط فإن الآبار التي تعرضت للتخريب «هي حقول تل مرمر 1 ـ وتل مرمر 3، الثعبان 134، الطيانة 107، الغلبان 105، القهار 109، الغلبان، اليمكن، الجازية، وشمال العمر، وقد تمت السيطرة على خمس منها، أما بئر القهار-109 التي تعد أخطر هذه الآبار فقد أُشعلت في 23 تشرين الثاني (الماضي)، وتم وضع برنامج لمعالجتها وتمت السيطرة على الحريق وتأمين البئر بتاريخ 26 تشرين الثاني تمهيدا لوضع قفل للبئر، ولكن تم سرقة النفط منه وإحراقه بتاريخ 24 كانون الأول».
ويشير العباس إلى أن خروج هذه الآبار عن السيطرة لا يعد كارثة اقتصادية فحسب، بل أيضا بيئية. ويشرح أن أحد الأضرار السلبية يتمثل «بالمكامن النفطية خزنيا، بما يؤدي لتشكيل مخاريط مائية تعيق الاستثمار مستقبلا، وتسيء إلى عامل المردود النفطي النهائي للطبقة».
وحول الآثار الاقتصادية الراهنة، يوضح العباس أن تحديد الخسارة يخضع لتقديرات أكثر منه لمعلومات بسبب غياب إمكانية التدقيق الميداني، إلا أنه يشير إلى رقم كارثي يتمثل «بخسارة أولية حتى تاريخه بحوالي 750 ألف برميل، وذلك اعتماداً على الاختبارات القديمة قبل حصول الاعتداءات، وبناءً على بعض الفرضيات المتعلقة بالتقارير الواردة من عمليات الحقول»، مضيفا أن هذه الخسائر ستتضاعف مع «استمرار هذا التعدي العشوائي».
وفي ما يتعلق بكميات الإنتاج اليومية للآبار المذكورة، قال العباس إن «كميات الإنتاج مرتبطة بالشروط الفنية التي تضمن أفضل إنتاج وأحسن استثمار، وهذا يختلف عما يقوم به المخربون الذين يفتحون الآبار كليا، ما يعني إنتاج ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، وهذا مخالف لآلية استثمار هذه الآبار».
وتشير تقارير إعلامية إلى أن عمليات بيع النفط المسروق تجري أحيانا بعشر قيمته الفعلية في السوق الدولية، وذلك لمهربين أو تجار أتراك بالتعاون مع أهالي المنطقة والفصائل المسلحة التي تسيطر عليها. ويعاني حوضان نفطيان أساسيان من التخريب، وهما في الشمال الشرقي، فيما لا تتوافر معلومات دقيقة عن الحوض الثالث في بادية تدمر.
وكانت وزارة النفط السورية قد تحدثت عن خسائر في هذا القطاع تفوق 3 مليارات دولار في العامين الماضيين، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى 4 مليارات دولار، خصوصا مع اضطرار سوريا للاستيراد من السوق السوداء بسبب حظر الاستيراد الأوروبي، وعدم قدرتها على التصدير، إضافة إلى خروج آبار عديدة من الخدمة ونهب أخرى. ومع الوقت يخشى أن يتحول الضرر المتكاثر في قطاع النفط إلى «حفرة سوداء» على المستوى الاقتصادي، بما يعنيه ذلك من انقلاب مصدر ربع موارد خزينة الدولة تقليديا إلى عبء بيئي واقتصادي نتيجة احتمال انهيار كامل بنيته التحتية ونهبه.
 

عودة
أعلى