ShRoOoq

Very Excellent





الحمد لله الذي وعد المتوكلين عليه بالكفاية التامة والمعونة،

وهون عليهم الأثقال وحمل عنهم المشقة والمؤنة . وأشهـــد

أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهـد أن محمــدا عبده

ورسوله اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه .

أما بعد :



أيها الناس اتقوا الله تعالى الذي خلقكم ورزقكم ورباكم، والذي

أطعمكم وكفاكم وآواكم ، والــــذي أنقذكم مـن الردى وهداكم ،

وتوكلوا حق التوكل عليه في إصلاح دينكم ودنياكم ، واعلموا

أن التوكل على الله من لوازم الإيمان ، وبـــه يتحقق للعبد كل

خيــر وبر وامتنان ، فأنتم تعلمون أنكم فقراء مضطرون إلــى

ربكم في كل الأحوال والشئون ، والرب هو الفعال لما يريد إذا

قضى أمرا قال له كن فيكون ، وهــو الـذي يعلم من مصالحكم

ما لا تعلمون ، ويريد منها ما لا تريدون ويقدر على مــا ليس

عليـــــه تقدرون ، فقوموا بالأسباب متوكلين على الله لا على

ســـواه فـــأدوا أمـــره ، واجتنبوا نهيه طالبين منه أن يعينكم

علــى محبته ورضاه ، وقوموا بالأسباب الدنيوية مـــن تجارة

أو صناعة أو فلاحة أو غيــرهــا مـن الأسباب قائمين بالسبب

متوكلين ومعتمدين علــى مسبب الأسباب ، فإنكــم إذا اتصفتم

بذلك لــم تزالوا في عبادة وأعانكم المولى ، ويسر لكم الطرق

والأبواب ، وثلاث كلمات هن روح التوكل والاستعانة ، فمــن

قالها بلسانه مستحضرا لمعناها فــي قلبه فقـــد حقــق التوكل

واستقام بنيانه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وحسبــي الله لا إله

إلا هو عليه توكلت ، وهــــو رب العرش العظيم ، ولا حـــول

ولا قـوة إلا بالله العلي العظيم، التي هي كنز من كنوز الجنة،

توصل العبد إلى كل خير عميم ، فمتى علم العبد أنه لا حــول

لأحد ولا قوة إلا بالله ، فاعتمد كل الاعتماد على ربه في جلب

مصالح دينه ودنياه ، وفــــي استدفاع المضار والمكاره واثقا

بمولاه ، عالما أنه النافع الضار، وأنه الواقي للشرور الجالب

للمحاب والمسار ، وأن الخلق كلهم في غاية الاضطرار إلـــى

ربهم ونهاية الافتقار، فقطع رجاءه وتعلقه بالمخلوقين وانزل

حوائجه وشؤونه كلهــــا بالله رب العالمين ، فليبشر بالكفاية

التامة وتيسير الأمور ، ويا قرة عينه بالحياة الطيبة في كـــل

ما يجري به المقدور ، ومـــن انقطع تعلقه بالله وتعلق بمـــن

سواه خذله ووكله إلــى غيره وولاه ما رضيه لنفسه وتولاه ،

فاتقوا الله عباد الله ، وأجملوا فــي السعي والطلب ، وتوكلوا

على المسبب لا على السبب{ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً،

وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ

إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } الطلاق2-3


كتاب : الفواكه الشهية في الخطب المنبرية ( ص 59 )


للشيخ : عبد الرحمن السعدي - رحمه الله -



 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى