أسئلة الأعضاء

عضوية طرح الأسئلة

لا شك أن الأصل في الأناة والتريث هو الحسن، وأن الأصل في العجلة والاستعجال هو الذم، فقد جاء ذكر العجلة والاستعجال والتعجل في القرآن الكريم في معرض الذم، قال تعالى : { خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ } الأنبياء/37، وقال تعالى : { وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا } الإسراء/11 .....



إلا أن هذه القاعدة الأخلاقية ليست على العموم، فهناك بعض الاستثناءات التي تجعل من العجلة في بعض الأمور والمواقف خلقا محمودا، بينما التريث فيها والتمهل أمرا مذموما غير محمود، ومن هنا قسم العلماء العجلة إلى مذمومة ومحمودة .



ولعل أهم أمثلة العجلة المحمودة هي الاستعجال في التوبة والإنابة اإلى الله تعالى، فموضوع الإقلاع عن الذنوب والمعاصي، وإعلان العودة إلى الله تعالى بالندم على ما فات والعزم على عدم العودة إلى طريق الموبقات، والمبادرة إلى فعل الطاعات واستبدال السئات بالحسنات .....لا يحتمل أي تأخير أو تأجيل .



قال تعالى : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } آل عمران/133، وقال تعالى : { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } النساء/17، وقال تعالى : { .....وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } النور/31 .



ومن المعلوم أن هناك اتفاق بين العلماء على أن التوبة تجب على الفور، حيث إنها من أصول وقواعد الإسلام الهامة ، ولأن الإنسان لا يعلم ما يعرض له في حياته من الآفات والموت ونحو ذلك .



قال ابن القيم رحمه الله : المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور ولا يجوز تأخيرها، فمتى أخرها عصى بالتأخير، فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى وهي توبته من تأخير التوبة، وقلَّ أن تخطر هذه ببال التائب، بل عنده : أنه إذا تاب من الذنب لم يبق عليه شيء آخر، وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة، ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم . مدارج السالكين 1/272



ليست العجلة محمودة في باب التوبة والإنابة إلى الله فحسب، بل هي كذلك في جميع أبواب الخير وأعمال البر، وقد شاع بين الناس المثل القائل : "خير البر عاجله"، وهو مثل يستشهدون به على استعجال الخير .
 

التعديل الأخير بواسطة المشرف:

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى