أسئلة الأعضاء

عضوية طرح الأسئلة

نحو تفعيل أداء الجماعات المحلية لتحقيق تنمية سياحية مستدامة في الجزائر



ملخص:
ستكون مداخلتنا ضمن المحو الثاني من الملتقى، أين سنحاول تشخيص دور الجماعات المحلية كفاعل محلي مهم في تحقيق التنمية السياحية في الجزائر، حيث سنقوم بتوضيح الإطار القانوني والتنظيمي الذي يحكم دور الجماعات المحلية في ترقية السياحة في الجزائر، ونقوم بتقييم واقع هذا الدور، لنصل لاستنتاج أهم المعوقات وأفاق تطوير أداء الجماعات المحلية لتحقيق تنمية سياحية مستدامة في الجزائر. الكلمات الدالة: السياحة ، الجماعات المحلية ، التنمية السياحية .


Abstract:
Our research paper will be on the second axes of this conference, we'll try to give an analysis of the role which have local community administration, as domestic influencer in targeting touristic development in Algeria. First we'll clarify the low context of this one and organizational background that master local community administration action, to improve touristic activity in our country, and then we'll asses the reality to conclude the most significant results of the main blocks and perspectives that suffer this sector. Key word : tourist, local community administration , touristic development.





" مقدمة:
أصبح قطاع السياحة من ابرز قطاعات التنمية على المستوى الدولي، إذ يعد من أهم الظواهر المثيرة للاهتمام والدراسة، بالنظر للدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه في تطوير اقتصاد الدولة وتوفير مصادر مهمة للدخل وتحقيق التنمية الشاملة.
والجزائر على غرار العديد من الدول تحاول إعطاء مكانة متزايدة لقطاع السياحة في سياسة التنمية، ولأجل ضمان تحقيق تنمية سياحية مستدامة في الجزائر لابد من إشراك جميع الفواعل، وتحقيق تكامل للأدوار بينها، ومن بين تلك الفواعل المهمة نجد الجماعات المحلية، والتي يمكن أن تساهم بشكل مهم وفعال في ترقية السياحة في الجزائر وتحقيق تنمية سياحية مستدامة. وبذلك سنحاول من خلال هذه المداخلة تشخيص لدور الجماعات المحلية في تنمية السياحة المحلية، وآليات تفعيل هذا الدور لتحقيق تنمية محلية مستدامة في الجزائر.

1- مفهوم السياحة ودورها في التنمية المحلية:

السياحة هي ظاهرة تاريخية عرفت منذ نشأة الإنسان، وقد عرفت تطورات عديدة، وتختلف التعريفات المقدمة للسياحة انطلاقا من المنظور الذي يتم اعتماده في تحديد تعريف السياحة، وعليه سنحاول تقديم أهم التعاريف.

1 - 1 - تعريف السياحة:
تعرف بأنها: مجموع العلاقات والظواهر التي تترتب على سفر، وعلى إقامة مؤقتة لشخص أجنبي في مكان ما، طالما أن هذه الإقامة لا تتحول إلى إقامة دائمة، وطالما أن هذه الإقامة لا ترتبط بنشاط يدر ربحا لهذا الأجنبي، وهو تعريف قدمه هونزيكير، وكراف، الأستاذين بجامعة بيرن بسويسرا، وهونزيكير كان رئيسا للجمعية الدولية لخبراء السياحة العالميين، وقدم تعريفه هذا في بحث نشر بالألمانية سنة 1959.
كما تعرف السياحة بأنها : ظاهرة من ظواهر النشاط الإنساني، عرفت منذ القدم على أنها عمليات الانتقال الوقتية التي يقوم بها الأشخاص، فيتركون
مواطنهم أو مجال إقامتهم، إلى أماكن أو بلاد أخرى، لأغراض غير الإقامة على سبيل الاعتياد، ويعد هذا التعريف، من التعريفات الخاصة، التي وضعت للسياحة منذ بدايتها .
وحسب تعريف جون میشو :وهو مسؤول في المجلس الأعلى للسياحة الفرنسي، عرف السياحة كما يلي": السياحة هي نشاط يحتوي على عمليتي إنتاج واستهلاك تحتم تنقلات خاصة بها خارج مقر الإقامة الأصلي ليلة على الأقل ، حيث يكون السبب هو التسلية ، التداوي ، اجتماعات ، زيارة المقدسات الدينية ، تجمعات رياضية... الخ
وعليه من خلال ما سبق يمكن القول أن السياحة ظاهرة تقوم أساسا على ضرورة انتقال الإنسان من موطنه إلى دولة أو منطقة أخرى وذلك للانتفاع بوقت فراغه وذلك لمدة معينة وليس لفترة دائمة، وتشمل عدة قطاعات كالترفيه، الراحة ، العلاج، الأعمال، ... وتتأثر دائما بمحيطها السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي، البيئي والتكنولوجي.

2 - 1 - أنواع السياحة:

تختلف أنواع السياحة استنادا المعيار التقسيم سواء بالنظر لعدد الأشخاص أو وسيلة النقل المستعملة أو مدة الإقامة وغيرها ويمكن تلخيص أهم الأنواع من خلال مايلي:

| - سياحة داخلية نهي أوجه النشاط الذي يتصل بسفر المواطنين المحليين إلى المناطق السياحية الداخلية.

- سياحة خارجية: وهو النشاط الذي يعني بسفر الأفراد إلى الخارج. -

- سياحة فردية : هي سياحة لا تعتمد على برنامج منظم أو محدد وهي غير منظمة و يقوم بها مجموعة أو شخص واحد لزيارة بلد أو مكان ما، وتتراوح مدة إقامتهم حسب تمتعهم بالمكان أو حسب وقت الفراغ المتوفر لديهم.

- السياحة الجماعية: وهي عكس الأولى، فهي منظمة، حيث يتم ترتيب و تنظيم كل شيء مسبقا من طرف الشركات السياحية.

- السياحة الموسمية :وهي سياحة تتعلق بقضاء السائح العطلته في مكان و موسم معين و مدتها من شهر إلى ثلاثة أشهر، وتتميز بالدورية و التكرار.

-سياحة عابرة: و تكون عن طريق تنقل السواح بالطرق البرية، و مرورهم الاضطراري في طريقهم على بلد معين، أو الهبوط الاضطراري لطائرة في مطار ما.

- سياحة الأجانب: تنظم لجذب السواح الأجانب، بتلبية رغباتهم المختلفة.

- سياحة المقيمين خارج البلد :تنظم رحلات سياحية لزيارة البلد. 3
وما يمكن قوله انه بغض النظر عن طبيعة ونوع السياحة فإنها لها تأثير كبير على مختلف المستويات وخاصة في تحقيق التنمية المحلية، وهذا ما سنحاول تناوله من خلال العنصر التالي.



3 - 1 - دور السياحة في تحقيق التنمية المحلية:


بداية هناك تعريفات عديدة للتنمية المحلية، ولكن يمكن تعريفها بأنها السياسات والبرامج التي تتم وفق توجهات عامة لإحداث تغيير مقصود ومرغوب فيه في المجتمعات المحلية، أي على المستوى البلدي والولائي، بهدف رفع مستوى المعيشة في تلك المجتمعات بتحسين نظام توزيع الدخل والاستفادة القصوى من المنشآت الاجتماعية الصحية والتعليمية والثقافية والمرافق العامة.*
وللسياحة بمختلف أنواعها دور أساسي في التنمية المحلية، لاعتبار أن التنمية المحلية تنطوي على عدة محاور تحدد طبيعتها، والأسس التي تقوم عليها فالتنمية المحلية عملية شاملة لكل الجوانب السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والبيئية تهدف للنهوض بحياة الموطنين من جميع النواحي على مستوى إقليم معين.
ويمكن إبراز دور قطاع السياحة في التنمية المحلية من خلال النقاط التالية :

- تنشيط الاقتصاد المحلي.
- توفير فرص الشغل .
- المساهمة في تطوير الاستثمارات المحلية، وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية في الاستثمارات الخاصة بقطاع السياحة على المستوى المحلي.
- يلعب قطاع السياحة دور مهم في تحقيق توازن بين أقاليم الدولة، من خلال ما يوفره من تطور اقتصادي ورفاهية، وتحسين المستوى المعيشة للسكان المحليين، وبالتالي تطوير هذه الأقاليم وخلق عدالة اجتماعية ما بين الأقاليم.
- استغلال الموارد والإمكانات الخاصة بكل إقليم وتوظيفها في إطار السياحة المحلية مما يخلق مصادر مالية للإدارة المحلية.
-
تساهم في تشجيع الصناعة المحلية وانتشارها.
- تطوير الخدمات والنشاطات والمشروعات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات المحلية، والعمل على نقلها من الحالة التقليدية إلى الحداثة.
- يعتبر القطاع السياحي مصدر مالي مهم للإدارات المحلية بالنظر لدورها في معالجة إشكالية ضعف الموارد المالية التي تعاني منها الإدارات المحلية، كما تعمل على تسريع عملية التنمية المحلية.
- يساهم في تحقيق قدر من الطموحات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمجتمع المحلي.

إذن فقطاع السياحة يلعب دورا مهما في تجسيد سياسات وبرامج التنمية المحلية، بالنظر لما يمكن أن يقدمه للجماعات المحلية من فرص للاستثمار في إمكاناتها السياحية على المستوى المحلي، وتشجيع الصناعة المحلية للمساهمة في تحقيق التنمية الشاملة.

2- دور الجماعات المحلية في ترقية السياحة في الدولة:

تعتبر السياحة قطاع مهم لتحقيق التنمية المحلية في الدولة، بالنظر لما يمكن أن توفر من مصدر مالي ذاتي للجماعات المحلية مما يكسبها استقلالية في برامجها
في جميع الميادين، وبذلك عملت الجزائر على إعطاء دور متزايد للجماعات المحلية في مجال السياحة لتحقيق تنمية سياحية مستدامة.

1 - 2 - سياسة السياحة في الجزائر

تعتبر الظاهرة السياحية ظاهرة قديمة ، و ظهورها في الجزائر يعود إلى الحقبة الاستعمارية. لذلك سنتناول تطور السياحة في الجزائر قبل الاستقلال وغداة الاستقلال و إلى تنظيم هذا النشاط و مختلف التعديلات و التغيرات التنظيمية التي شهدها .
إن ظهور النشاط السياحي في الجزائر يعود إلى بداية القرن التاسع عشر خلال الاحتلال الفرنسي، حيث تفطن المستعمر، باكرا للقدرات السياحية للجزائر ، ففي سنة 1897 أسس المستعمر اللجنة الشتوية الجزائرية * وهذا ما يؤكد على الموارد السياحية التي تتمتع بها الجزائر.
وتبنت الجزائر بعد الاستقلال، نهج اقتصاديا متمثل في الصناعات المصنعة، و الذي لم يعطي أهمية كبرى لقطاع السياحة، بالرغم ما للجزائر من مؤهلات سياحية مميزة. |
ثم جاء ميثاق السياحة لسنة 1966 ، و الذي رسم الخطوط الأولى للسياحة الجزائرية، ثم جاءت بعده المخططات الوطنية
1967 إلى غاية 1989 بوضع المنشآت السياحية عبر كافة الوطن، من خلال برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحددة في المخططات التنموية والمتمثلة في

- المخطط الثلاثي ( 1967- 1969).
- المخطط الرباعي الأول ( 1970 - 1973 ) .
- المخطط الرباعي الثاني ( 1974 - 1977 ) .
- المخطط الخماسي الأول ( 1980 - 1984).
- المخطط الخماسي الثاني ( 1985- 1989 ).

و التي حققت نتائج إيجابية في زيادة عدد الهياكل السياحية، التي لا تزال اليومنا هذا، ولكنها لم تكن كافية لتحسين صورة المنتج السياحي الجزائري و ترقيته محليا أو دوليا.

فترة ما بعد 1990: وهي فترة اقتصاد السوق الذي دخلته الجزائر في بداية التسعينات ، كان من أهم المراحل التي ميزت مسارها الاقتصادي، بكل ما لهذا المجال من تأثير على باقي القطاعات الثقافية، الاجتماعية، والسياسية، حيث عرف الاقتصاد الوطني، عمليات خوصصة كبيرة، وتغييرا في الأنظمة السائدة، دعمته حركية العولمة التي كان لها الأثر الكبير في التحول الذي حصل، والصناعة السياحية تعد ميدانا مفضلا، لممارسة نشاطات الخوصصة والشراكة وكل الآليات التي يفرضها اقتصاد السوق.|
وهو ما يستوجب على الجزائر تشجيعها للقطاع الخاص، ولكن أيضا تغيير طابع النصوص التنظيمية والتشريعية، التي كانت غير مكيفة مع البيئة الجديدة ، وتم فتح أبواب الاستثمار والشراكة مع المجموعات السياحية الدولية، وكذا ترقية المنتوج السياحي الجزائري عن طريق استعمال شبكات جديدة للتوزيع والتسويق والترويج، بما يساهم في تحسين الصورة السياحية للبلاد.
إلا أن تدهور الوضع الأمني، وعدم الاستقرار السياسي الذي ساد عشرية كاملة، انعكس في شكل مصاعب بيروقراطية، وعراقيل تعيق حصول المستثمرين في مجال السياحة على الأراضي، والقروض البنكية، مما أدى حسب تقرير وزارة السياحة إلى انخفاض مستوى التدفق السياحي، فمن دخول 359895 سائح في سنة 1990 %إلى 18000 في سنة 1996 ، أي أن الانخفاض كان كبيرا ، وبلغت نسبته % 95 .
بعد عودة الاستقرار والأمن إلى البلاد، عملت الدولة الجزائرية على إعادة بعث القطاع السياحي من خلال فتح المجال للاستثمارات المحلية و الأجنبية، بتبني خيار الخوصصة و الشركة الأجنبية في المجال السياحي ، فأعطت تحفيزات و
ضمانات متعددة للمستثمرين، من خلال قانون الاستثمار لسنة 1993، وبعده قانون الاستثمار لسنة 2001 ، وقانون 03- 01 المتعلق بالتنمية المستدامة للسياحة، هذا ما جعل السوق السياحية الجزائرية تنتعش ولو بشكل بطيء ولكن يبقى بعيد عن ما هو مطلوب.


2 - 2 - تشخيص دور الجماعات المحلية في التنمية السياحية في الجزائر


في البداية تعرف الجماعات المحلية بأنها أسلوب من أساليب التنظيم الإداري للدولة، تقوم بمقتضاه توزيع النشاطات والواجبات بتين الأجهزة المركزية والمحلية ،
كذلك لغرض أن تتفرغ الأولى لرسم السياسة العامة للدولة، إضافة إلى إدارة المرافق القومية في البلاد، وأن تتمكن هذه الأجهزة المحلية من تسيير مرافقها بكفاءة وتحقيق أغراضها المشروعة.8
والجماعات الإقليمية في الجزائر تتكون من وحدتين إداريتين هما : البلدية والولاية.
وتعتبر الجماعات المحلية الفاعل الأساسي لتفعيل التنمية المحلية، وتنشيط الاقتصاد المحلي إذ خص القانون البلدية والولاية بجموعة من الصلاحيات التي تسمح لها بتفعيل التنمية المحلية بصفة عامة والتنمية السياحية بصفة خاصة، حيث لا يمكن تصور تحقيق تنمية سياحية مستدامة دون مشاركة الجماعات المحلية كشريك أساسي للدولة لترقية السياحة المحلية في الجزائر.
فنجد أن الدولة الحديثة تعتمد على السياحة كمصدر هام لتنمية مداخلها، وقد حاولت الإدارة الجزائرية إعطاء أهمية للمرافق العامة المعنية بالسياحة، فأصبح من اختصاص المجالس المحلية بالولايات العمل على تسهيل انطلاق السياحة، حيث تقوم بمراقبة كل المؤسسات والمرافق العامة ذات الطابع السياحي، نجد قانون رقم 03 - 01 المتعلق بالتنمية المستدامة للسياحة يكرس ذلك، فنجد المادة الرابعة منه تقر بأنه : " تكتسي تنمية الأنشطة السياحية وترقيتها طابع المصلحة العامة وتستفيد بهذه الصفة من دعم الدولة والجماعات الإقليمية. "
حيث تبرز هذه المادة أهمية النشاط السياحي وربطه بالمصلحة العامة، وتقر صراحة بدور الجماعات الإقليمية، أين تعد فاعل أساسي بجانب الدولة في ترقية السياحة في الجزائر.
وتأكد ذلك المادة الثامنة من نفس القانون على لزوم إدراج الجماعات المحلية للترقية السياحية ضمن سياساتها القطاعية، حيث تنص على: " تلزم الإدارات العمومية للدولة والجماعات الإقليمية وكذا الهيئات العمومية في إطار اختصاصاتها بإدراج ترقية السياحة ضمن سياساتها القطاعية ". "
إذن فالقانون يكرس مشاركة الجماعات المحلية وخاصة البلدية باعتبارها القاعدة الإقليمية للدولة في ترقية السياحة وإدراجها ضمن مخططاتها وبرامجه التنموية بأطواره القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى.
أين تلعب الجماعات المحلية دورا كبيرا في توفير الأرضية الخصبة، وتطوير المبادرة المحلية لترقية السياحة المحلية، حيث يقر قانون البلدية بتشكيل لجان مختلفة من بينها لجان تهتم بمجال السياحة، حيث طبقا لقانون البلدية لها الحق في اتخاذ كل تدبير يرمي إلى توسيع قدراتها السياحية وتشجيع المتعاملين المعنيين باستغلالها .

إذن يمكن تلخيص دور الجماعات المحلية في ترقية السياحة الجزائرية ضمن ثلاثة أطر رئيسية هي: -

دورها في صياغة سياسات محلية تأخذ بعين الاعتبار ترقية السياحة ضمن أولوياتها، أين تلعب المجالس المحلية دور في ترقية برامج السياحة ضمن إدراجها في المخططات المحلية.
- دورها في تنفيذ البرامج والمشاريع السياحية على المستوى المحلي، مما يساهم في خلق موارد مالية محلية لصالح الجماعات المحلية، وهذا ما يساهم في تطوير ظروف المواطنين على المستوى المحلي.
- دورها في الرقابة وحماية التراث السياحي على المستوى المحلي، وكذا فتح المجال أمام تنظيمات المجتمع المدني المهتمة بإشاعة الثقافة السياحية.


غير أن واقع تسيير الجماعات المحلية في الجزائر، وتشخيص القطاع السياحي يبرز الدور الضعيف للجماعات المحلية في تنشيط السياحة على المستوى المحلي، إذ انه رغم أن المشرع الجزائري منح للجماعات المحلية صلاحيات للمساهمة في ترقية السياحة المحلية، إلا أن ذلك يبقى مرهون بمدى توفر الوسائل اللازمة، لإدراج قطاع السياحة ضمن أولويات الجماعات المحلية للمساهمة في تحقيق التنمية المحلية. |
فالجماعات المحلية أسندت لها مهام وادوار اكبر من طاقاتها، فالملاحظ الواقع البلديات يجد أنها تعاني من عدة اختلالات خاصة على مستوى الموارد المالية، إذ أنها تبقى تابعة دائما للسلطة الوصية، فقوة البلدية مرتبطة دائما بمدى توفرها على المداخيل الذاتية والتي تساعدها على تفعيل برامجها التنموية، غير أن واقع البلدية الجزائرية يبرز أن نسبة البرامج والمشاريع التي تمول من البلدية نفسها محدود جدا، مقارنة بما تمنحه الدولة من مشاريع في إطار المخططات المحلية، وبذلك يتضح مدى التبعية وارتباط البلدية في إنجاز مشاريعها بالتمويل المركز من الدولة.
إذن فرغم ما يمكن أن تلعبه السياحة من دور في تمويل الجماعات المحلية، بمختلف المشاريع بالنسبة للمناطق التي يملك المواقع والآثار السياحية التي يمكن أن تستقطب السياح، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، إلا أن أداء السياحة على المستوى المحلي يبقى بعيد عن المستوى المطلوب، ويعود ذلك المجموعة من الأسباب والمعوقات التي تحول دون تقديم الجماعات المحلية لدورها في مجال التنمية السياحية ، ويمكن تحليل هذه المعوقات وآليات تطوير أداءها ضمن العنصر التالي.

3- أسس تعزيز دور الجماعات المحلية لتحقيق تنمية سياحية مستدامة:

يعترض أداء الجماعات المحلية في مجال ترقية السياحة في الجزائر مجموعة من المعوقات والمشكلات على مستويات عديدة.

1 - 3 - معوقات أداء الجماعات المحلية في ترقية السياحة


يمكن إبراز أهم المعوقات من خلال النقاط التالية :


- محدودية الموارد البشرية والمادية، فتطبيق أي سياسة تنموية يستلزم توفر موارد مادية وبشرية كافية للتمكن من تجسيدها على أرض الواقع، وعليه يعتبر توفير الموارد المالية والبشرية أساس نجاح التنمية المحلية. ولكن الملاحظ للبلديات الجزائرية يجد أنها تعاني من أزمة مالية حادة، وضعف في الموارد البشرية والكفاءات، وهذا ما ينعكس بصفة مباشرة على أدائها في ترقية السياحة وتحقيق تنمية سياحية مستدامة.
ففيما يخص الواقع المالي للبلدية في الجزائر يمكن تلخيصه في أن أغلب البلديات في الجزائر تشهد عجز مالي حاد في ميزانياتها، وحتى بعض البلديات التي لا تعاني عجز في ميزانياتها، فهي لا تستغل جميع إمكاناتها وطاقاتها، هذا من جهة ومن جهة أخرى غياب العقلانية في إنفاق هذه الأموال في مشاريع تنموية هادفة لصالح المواطنين.
وفيما يخص محدودية الموارد البشرية المحلية فيتجلى ذلك في تصور دور المنتخب المحلي، حيث يتطلب من المنتخب المحلي التوفر على مؤهلات تواكب تطورات العصر، التي انعكست بشكل أو بآخر على الجماعات المحلية لكن يبقى أول مشكل يعاني منه المنتخب هو ضعف المستوى الثقافي وغياب التكوين، وكذلك يبرر ضعف تنظيم الموظفين، خصوصا في مجال الأطر العليا المتخصصة ، والتوزيع اللامتكافئ للموارد البشرية، وعدم الاستفادة من التكوين المستمر .
فنجد إذن أن البلدية الجزائرية تعاني من أزمة حادة في الموارد البشرية اتسمت بتضخم كمي ونقص نوعي.
إذن فالجماعات المحلية تعاني من غياب للموارد البشرية الكفأة المتخصصة في قطاع السياحة، وهذا ما يحول دون خلق تصورات وخطط قصيرة وطويلة المدى لجعل قطاع السياحة مصدر أساسي لتحقيق التنمية المحلية.

- ضعف موقع التنمية السياحية في خطط التنمية المحلية، مما يقلل وباستمرار من أهميتها في إطار تواضع التخصيصات المالية المخصصة للسياحة، مما يعكس قلة
المشاريع المنجزة في إطار المخططات البلدية والولائية، وهذا انعكاس عن ضعف أداء السياسات العامة في تبني إستراتيجية واضحة المعالم للسياحة وتنميتها.

- وضعية البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى المحلي كالمرافق الأساسية لتقديم الخدمات، والطرق وغيرها وهو ما لا يسمح بترويج السياحة المحلية.

- إشكالية العقار وصعوبة الحصول على مناطق لانجاز مشاريع سياحية.

| - غياب الثقافة السياحية للمواطنين على المستوى المحلي، وضعف أداء تنظيمات المجتمع المدني في ترقية وإشاعة الثقافة السياحية والتحسيس بأهميتها في تحقيق التنمية المحلية.

- نقص الاستثمارات السياحية وضعف أداء القطاع الخاص في هذا الإطار.

- غياب دور المجالس المحلية المنتخبة، والتي لم تصبح تقوم بوظيفتها الأساسية والمتمثلة في تمثيل المواطنين والتعبير عن متطلباتهم، بل أصبحت تبحث عن مصالحها الضيقة، رغم أنه يمكن للمجالس المحلية أن تلعب دورا مهما في إدراج التنمية السياحية ضمن أولويات التنمية على المستوى المحلي.


2 - 3 - أفق تطوير أداء الجماعات المحلية في القطاع السياحي:


يتوقف نجاح أداء الجماعات المحلية في ترقية السياحة، وتحقيق التنمية السياحية المستدامة على توفير مجموعة من الأسس والمتغيرات المتكاملة، والتي
كلما تم تحقيقها كلما ساعد ذلك على بعث تنمية سياحية حقيقية، ويمكن إجمال هذه المتغيرات والأسس فيما يلي: - إ

شراك الفواعل المحلية في التنمية السياحية حيث يعتبر إشراك جميع فواعل التنمية المحلية القاعدة الأساسية لنجاح التنمية السياحية المحلية، وتشمل الفواعل المحلية مشاركة كل من البلدية والولاية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، والمواطنين في صنع السياسة التنموية السياحية على المستوى المحلي، فمشاركة هذه الأطراف تسمح للسلطات المحلية للتعرف على أوجه القصور وعلى رغبات المواطنين التوصيلها للمسؤولين الذين يؤثرون في عملية صنع القرار بما يخدم مصالحهم،

فتحقيق التنمية الوطنية لابد أن يمر من القاعدة باعتبارها أقرب لمعرفة أولويات وحاجات التنمية.
- تطوير الموارد البشرية المختصة على المستوى المحلي على اعتبار أن النشاط السياحي يعتمد بدرجة كبيرة على العنصر البشري، فهو يستدعي تأهيل وتكوين مستمر للموارد البشرية العاملة في قطاع السياحة، لذلك يجب الاهتمام بالمدارس والمعاهد الكليات السياحية، وتوجيهها إلى الجماعات المحلية، وكذا يمكن الاستعانة بالخبراء في هذا الإطار للتشاور مع المسؤولين المحليين.

- نشر الوعي السياحي على مستوى المجتمع المحلي، والتشجيع على إنشاء جمعيات تهتم بالقطاع السياحي، وإشاعة الثقافة السياحية من خلال تثقيف مواطني المجتمع المحلي، وتحسيسهم عن مدى أهمية السياحة في تطوير البلد، واستفادة مواطني البلد منها، ويكون ذلك عن طريق وسائل الإعلام، وتنظيمات المجتمع المدني ولذلك لابد من تحقيق مجموعة من الأسس لتفعيل دور المجتمع المدني منها:

# ضمان استقلالية الجمعيات والتي تعد أهم العوامل المحفزة على ممارسة وأداء
وظائفها بحرية أكثر.
# العمل على التنسيق بين منظمات المجتمع المدني بخلق مجالات للنضال المشترك
بينها والتفاعل مع المجتمع.
# لابد من تكامل عمل مختلف الجمعيات مع الأحزاب السياسية ونشاطات
السلطات المحلية.
# العمل على إشراك مسؤولي منظمات المجتمع المدني في مداولات المجالس المحلية
المنتخبة، والعمل على إيصال أولويات التنمية السياحية لوضعها في إطار البرامج التنموية، وبالتالي اقتراح حلول وتقديم أراء باعتبارهم الأدرى بمحيطهم
ومتطلبات المواطنين.

- إنشاء بنك للمعلومات على المستوى المحلي حول الإحصاء السياحي، إذ يساهم إنشاء بنك المعلومات في تحقيق العديد من المزايا للمخططين ولمسؤولي الجماعات
المحلية، حيث تسمح بترشيد عملية اتخاذ القرارات، وانجاز المهام والأفعال بطريقة فعالة، فبنوك المعلومات المحلية تساعد على تخطيط عمليات التنمية المحلية والإدارة اليومية للبرامج والمشروعات، والتنبؤ بالأوضاع الطارئة.
إذن يمكن تلخيص أهم أهداف إنشاء بنك للمعلومات فيما يلي:
/ توفير المعلومات الضرورية عن قطاع السياحة.
/ تجهيز البيانات المهمة لترشيد القرارات الخاصة بانجاز مشاريع وبرامج سياحية.
/ تطوير وتحسين العلاقة بين المواطنين وإدارة البلدية. لا يساهم في مشاركة المواطنين في تحديد أولويات التنمية السياحية على مستوى
البلدية. لا يساهم في تقويم وتطوير برامج التنمية السياحية، وبالتالي تطوير أدائها التنموي.

- إلزام الجماعات المحلية على التخطيط السياحي، من خلال رسم صورة تقديرية عن واقع قطاع السياحة على مستوى الولايات والبلديات، وتحديد القدرات والنقائص التي يعاني منها قطاع السياحة، لأجل تحديد أهداف الخطة السياحية وتحقيق تنمية سياحية متوازنة.

- تنمية الصناعات الصغيرة والحرفية ذات الطابع التراثي، وتلك المرتبطة بشكل مباشر بدعم الصناعة السياحية على المستوى المحلي وتحديد المواقع المخصصة والصالحة للاستثمار السياحي، وتوفر سبل إقامتها لما تشكله من أهمية في تحقيق التنمية السياحية.

- رصد التخصيصات المالية اللازمة للجماعات المحلية للشروع في النهوض بواقع السياحة في الخطط والبرامج الإنمائية وتطويره، من خلال إجراء مسح دقيق وشامل حول الإمكانات السياحية المحلية، وضمان مشاركة الخبرات الوطنية والأجنبية بهذا الشأن فضلا عن دعم الإمكانات المادية للبلديات والولايات لتطوير المناطق الأثرية القائمة إلى المستوى اللائق حضاريا، وتوسيع حجم الخدمات السياحية وتعميق مساهمتها في إثراء السياحة في البلاد.


- تشجيع المواطنين على إقامة المشروعات السياحية الصغيرة.

- إشراك المجتمع المحلي في الحفاظ على البيئة الطبيعية، ومميزات المناطق الطبيعية وتهيئتها بما يلبي الحاجات المحلية.

- لابد من ضمان إطار قانوني يلزم مشاركة المجتمعات المحلية في السياحية لاسيما في التوظيف المحلي، وبالتالي إدراج السكان المحليين في إشاعة القيم السياحية، وهو ما يساهم في تخفيف حدة الفقر والمساهمة في التماسك الاجتماعي بين سكان الإقليم الواحد كمبدأ أساسي من مبادئ التنمية المستدامة.


خاتمة :

يمكن أن نستنتج في الأخير من خلال ما سبق أن الجماعات المحلية لها أهمية كبيرة في تعزيز قدرات التنمية السياحية، لما لها من دور في خلق توازن بين التنمية السياحية ومتطلبات المواطنين على المستوى المحلي، وتوفير التسهيلات واستخدام الموارد المحلية كأساس لتحسين المنتوج السياحي وتطوير الصناعة السياحية على المستوى المحلي، وهذا ما يساهم في تحقيق موارد مالية ذاتية للجماعات المحلية.
غير أن أداء الجماعات المحلية في الجزائر يبقى بعيد عن ما هو مأمول لتحقيق التنمية السياحية وذلك يعود للبيئة العامة التي تتفاعل فيها الجماعات المحلية سواء على المستوى الداخلي لها، أو في علاقتها وتفاعلها مع الدولة، لذلك لابد من إعادة النظر في أدوار الجماعات المحلية وبخاصة البلدية ومنحها الإمكانات الكافية والاستقلالية، إضافة لإشراك جميع الفواعل المحلية لتحقيق تنمية سياحية مستدامة في الجزائر.





الهوامش: |
1- أمال عبد العزيز، " الاتصال السياحي في الجزائر "، مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر: كلية العلوم السياسية والإعلام، 2006، ص 36.
2- نفس المرجع، ص 36.
3- عبد القادر هدير، " واقع السياحة في الجزائر وافاق تطورها "، مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر: كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير ، 2006، ص 34.
4- احمد راشد، التنمية المحلية، القاهرة: دار النهضة العربية، 1986، ص 15.
5- أيمن عودة المعاني، الإدارة المحلية، ط1، عمان: دائر وائل للنشر والتوزيع، 2010، ص
.140
6- Heddar Belkacem , Role Socio-Economique du Tourisme cas de l’Algerie, OPU,Alger ;1988 ;p5.
7- أمال عبد العزيز، مرجع سابق، ص 131. 8- محمد محمود الطعامنة ، " الإدارة المحلية المفهوم و الفلسفة والأهداف"، تصفح الموقع يوم 20 - 01- 2011
http://unpan1.un.org/intradoc/groups/public/documents/ARADO/UN PAN014889.pdf
8- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، القانون 03- 01 المؤرخ في 17 فبراير 2003 يتعلق بالتنمية المستدامة للسياحة، الجريدة الرسمية، العدد 11، المادة 04، ص 06.
9- نفس المرجع، المادة 08، نفس الصفحة.
10- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، القانون
11- 10 المؤرخ في 22 يونيو 2011، يتعلق بالبلدية، الجريدة الرسمية، العدد 37، المادة 122، ص 18.
12- Seriak(L), Décentralisation et administration des collectivités locales , E.N.A.G, Algérie, 1998, p 29.
13- محمد محمد الهادي، بنك المعلومات المحلية ودورها في التنمية الاجتماعية في الوطن العربي، الرياض: دار المريخ، 1983، ص 28.
 

التعديل الأخير بواسطة المشرف:

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى