سوريا اليوم

مراسل صقور الأبداع من سوريا

عبد العزيز ال محمود – زمان الوصل

قمت بعمل عدة اتصالات بشخصيات في المعارضة السورية حتى اعرف ما الذي يحدث في حمص، فهذه مدينة استراتيجية مهمة، إن سقطت فقد بدأت تتشكل حدود دولة الساحل النصيرية التي ستنفصل لا محالة عن بقية سوريا مشكلة موطئ قدم آخر لايران بعد لبنان، أي ان الساحل الشرقي للبحر الابيض المتوسط سيكون بيد ايران واسرائيل ومحرما على العرب بشكل نهائي.</p> سأبدأ بما قاله لي العقيد فاتح حسون، وهو قائد جبهة حمص ونائب سليم ادريس في الهيئة العامة لأركان القوى الثورية والعسكرية التي اعترف بها مؤتمر اصدقاء سوريا على انها الذراع العسكرية للائتلاف الوطني السوري.

حاولت ان ابدأ في الحديث مع العقيد عن الاسلحة التي تصل الى الثوار، ولكنه قاطعني ليتحدث عن استراتيجية الارض حول حمص قبل الدخول في الحديث عن التسليح.

قال: يجب ان تعلم بان حوالي 30 % من سكان حمص والقرى المحيطة بها من الشيعة والنصيريين، وان هؤلاء يسيطرون على شبكة الطرق المحيطة بالمدينة بشكل كامل، حتى اننا لا نستطيع ان نحاصر اي معسكر او قاعدة لان ظهورنا ستكون مكشوفة، فطرق الامداد محاصرة بشكل كامل ولذلك يصعب ادخال الاسلحة اليها.

كان حديث العقيد متوازنا ودقيقا، ويعود بشكل تلقائي الى النقاط التي توقفنا عندها ليعيد شرحها لي مرة اخرى، مما اعطاني انطباعا بانه شخص منظم يعرف ما يفعل وما يريد قوله.

واصل بعد تلك المقدمة الطويلة التي اختصرت الكثير منها.

بعد سقوط القصير اصبحت حمص هي الهدف التالي، فحولها وعلى اطرافها يتواجد حزب الله الذي له خطوط امداد مفتوحة مع لبنان، وايضا لواء ابو الفضل العباس الذي له خطوط امداد مفتوحة مع الحدود العراقية، واعتقد ان سقوط حمص هو مسألة وقت فقط.

وحين سألت العقيد فاتح عن الاسلحة التي تصلهم، شعرت بتوتر في صوته، وقال: لم تصلنا اسلحة نوعية كتلك التي يتحدثون عنها، فوقعنا في حرج مع الكتائب المقاتلة التي تتهمنا بتخزين السلاح او بيعه للاستفادة من ثمنه، مع اننا لن نفعل ذلك ابدا ولكن — ثم اضاف — دعني اشرح لك كيف يصل السلاح الينا..

كل الدول التي تساعدنا بدون استثناء ترسل شحنات الاسلحة مشروطة، بمعنى انهم يقولون ان هذه الشحنة يجب ان تصل للكتيبة الفلانية، وأحيانا يأتي مندوب من الكتيبة لاستلام الشحنة قبل ان تصل الينا، فهناك تنسيق واضح بين الدول الداعمة والكتائب المقاتلة بشكل مباشر، ولكننا نحصل على 20 % من كمية هذه الشحنات حتى نقوم بتوزيعها على 5 جبهات، تخيل يا اخي!!

فطلبت منه ان يذكر لي هذه الجبهات، فرد قائلا:

جبهة حمص

الجبهة الجنوبية: دمشق ودرعا والقصير والسويداء

الجبهة الشمالية: حلب وادلب

الشرقية: دير الزور والرقة والحسكة والقامشلي

والغربية: طرطوس واللاذيقية

إن كمية الاسلحة التي بحوزتنا شحيحة جدا، لا تكفي حتى لتسليح جبهة واحدة، في حين ان بعض الكتائب لديها اسلحة اكثر من حاجتها، وبعضها لا يتدخل في القتال إلا ان طلبت منه الدول المانحة ذلك، لقد شاهدنا هذا الامر واضحا جليا في احداث القصير، فاحدى الكتائب التي كانت تمول من احدى الدول العربية رفضت الدخول في معركة القصير لان الدولة الداعمة لها طلبت منها ذلك، ولو دخلت لما سقطت القصير ابدا.

سألته، اذن انتم مكتب بريد، لا أكثر، قال: نعم اننا مكتب بريد مع الاسف، وان لم تتم تقويتنا فسننتهي، لقد طلبت منا بعض الدول الغربية مؤخرا تعيين 15 شخصا من الاركان في الائتلاف السوري على شرط ان لا يكونوا ينتمون الى اي من الكتائب او التيارات الاسلامية العاملة في الساحة، فهل تعلم ما الذي يعنيه ذلك؟

يعني اننا سنصبح جزءا من الائتلاف وسنفقد الاتصال بالكتائب الاسلامية العاملة في الساحة والتي رفضت هذه الشروط اصلا، مع العلم بان الكتائب الاسلامية هي الاكثر انضابطا والاكثر تدريبا وتأثيرا على الجبهات.

حاولت ان استفسر من العقيد عن دور جبهة النصرة وعن تمويلها، فرد علي قائلا:

هؤلاء ليسوا موجودين في حمص، فهم لهم جبهاتم التي يقاتلون فيها، وتسليحهم داخلي، فقد سيطروا على بعض ابار البترول وبعض مؤسسات الدولة ومستودعات للجيش وهم يستخدمون ما لديهم للقتال.

لقد ذكر لي العقيد الفاتح نبذة عن الكتائب المقاتلة والجهات التي تسلحها، وهي تتراوح بين السلفية الجهادية بكل تفرعاتها والعلمانية، ولكني سأتحفظ هنا عن ذكرها وذكر مصادر تسليحها لأن الامر قد يسبب التباسا ليس هذا وقته.

وقبل ان اغلق الهاتف مع العقيد طلب مني ان يوصل كلمة للقطريين، وسأنقلها هنا بدون اي تعديل..

“إن من افضل واصدق من تعامل مع الملف السوري هم القطريون، ولكنهم لم يعطوا حمص الاهتمام الكافي، هي تحتاج لضخ كبير من السلاح والذخيرة، اذا انهارت حمص فمعناه قيام الدولة النصيرية”.

انتهى لقائي مع العقيد فاتح حسون

أما الشخص الاخر فقد طلب عدم ذكر اسمه او منصبه، ولكني سأنقل ما قال لي عن الوضع في الجبهات السورية، وقد بدا لي هذا الشخص مطلعا على الاوضاع بشكل استراتيجي، وهو يملك الارقام التي تؤيد اقواله في كثير من الاحيان، بدأ حديثه بالقول ان شحنات الاسلحة تصل الى جماعات محددة بعينها، ومع ذلك هي كميات لا تكاد تكفيها اصلا.

تكاد حمص تكون هي الهم المشترك بين كل من حدثتهم، فقد قال بعد حديثه المختصر عن شح الاسلحة ان الثوار في حمص لا يملكون اي اسلحة، فالمدينة تتكون من 14 حيا، بها 4000 شحص فقط، 500 عائلة والبقية من الثوار الذين بقوا للدفاع عنها، وهي محاصرة منذ سنة تقريبا وبالتحديد منذ مايو 2012، والثوار في حمص وريفها محبطون وهم يرسلون الرسائل لسليم ادريس يطلبون المدد الذي لا يصلهم بسبب سيطرة القرى النصيرية والشيعية على طول الطريق المكشوف.

واضاف هذا الشخص: نشعر وبشكل قوي بان العالم يريد ان يبقي دمشق وحمص في يد النظام على ان تسيطر المعارضة على الشمال، ثم يتم استنزاف الطرفين في حرب طويلة مهلكة حتى يطلبا التفاوض، وقد بدأنا نسمع عن مصطلح (توازن القوى) حتى من ضباط الاركان في المعارضة السورية، فمعنى ذلك ان هناك ضباطا في المعارضة السورية يعلمون بهذا المخطط وموافقون عليه.

واصل هذا الشخص كلامه بصوت به بعض الاحباط:

كتيبة واحدة كانت في القصير تملك ما يكفي من السلاح لتحرير القصير لم تتدخل في القتال لان من يمدها بالسلاح طلب منها عدم التدخل، هكذا نحن في المعارضة السورية، لا نملك امرا على الكتائب المقاتلة، انهم الممولون الذين يديرون الحرب على حسب رغباتهم (سأتحفظ هنا عن ذكر الكتيبة وممولها).

وقبل ان ينهي حديثه قال:

ستقسم سوريا الى قسمين قريبا ان لم يتم عمل شيء حيال حمص، فهذا ما يريده العالم من سوريا.

انتهى

ستسقط حمص كما سقطت القصير قبلها، وكما سقطت كل المدن الفلسطينية قبل ذلك بسنين، والسبب هو كل ذلك الخور والضعف والتآمر من بعض الانظمة العربية التي تعبث بمستقبل شعوبها وأمتها بعد ان غاب عنها الشعور بالانتماء والشعور بالمسؤولية والشعور بالكرامة.


عظم الله عزاءكم في حمص مقدما.
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى